لقمة العربية في دمشق والازمة اللبنانية

كان غياب لبنان عن القمة العربية امرا متوقعا كونه ما زال بلا رئيس الذي
يمثل ركنا اساسيا في التوازن السياسي الداخلي في لبنان رغم اعلان جميع
الاطراف اللبنانية عن رغبتهم في ملء الفراغ الرئاسي.
وترى الحكومة اللبنانية المدعومة من الدول الغربية والدول العربية
المقربة منها ان دمشق التي تستضيف القمة العربية تتحمل المسؤولية عن هذا
الفراغ في السلطة ومن جاء قرارها عدم المشاركة فيها.
لكن المعارضة اللبنانية المقربة من سورية تقول ان الولايات المتحدة وحلفاؤها في العالم العربي هم من اقفلوا ابواب الحل في لبنان.
فهل كان هناك افق لحل الازمة اللبنانية خلال قمة دمشق؟.

كلام منمق

يقول اسامة صفا مدير المركز اللبناني للدراسات السياسية: "ان تحقيق حل
للازمة اللبنانية خلال قمة دمشق امر مستبعد تماما لان نصف اللاعبين
الاساسيين على الساحة اللبنانية، القادرين على حلها غائبون عنها".
فقد اعلن العاهل السعودي عبد الله والرئيس المصري حسني مبارك اكثر
من مرة انهما لن يشاركا في اعمال هذه القمة ما لم يتم انتخاب رئيس للبنان
قبل القمة.
كما لا يتوقع ان يشارك ملك الاردن عبد لله وملك المغرب في اعمال القمة.
لكن وزير الخارجية السوري وليد المعلم لم يشر الى ان الازمة
اللبنانية هي سبب ضعف تمثيل عدد من الدول العربية في القمة بل اتهم
الولايات المتحدة بمحاولة افشال قمة دمشق وان لبنان اضاع فرصة ذهبية لحل
ازمته بمقاطعته القمة.
لكن المراقبين يقولون ان القمم العربية نادرا ما نجحت في حل اي من المشاكل التي تواجهها الدول العربية.
ويقول حنا عنبر الصحفي في صحيفة الديلي ستار اللبنانية "ان القمم
العربية هي مناسبات يتبادل فيها الزعماء العرب التحيات والقبلات والجلوس
مع بعضهم وهي اقرب الى مهرجان خطابي يلقي فيها الزعماء العرب كلمات
منمقة".
والدول العربية قدمت مبادرة لحل الازمة اللبنانية منذ عدة اشهر
لكنها فشلت في تحقيق ذلك رغم الزيارات المكوكية للامين العام لجامعة الدول
العربية الى بيروت فما الجديد الذي ستقدمه قمة دمشق؟.

لعبة اكبر

لبنان كما كان في الماضي كثيرا مسرحا لصراع المصالح بين القوى الاقليمة
والدولية والازمة السياسية الراهنة التي يواجهها لبنان تعبير عن هذا
الصراع.
فالولايات المتحدة والدول العربية المقربة منها تريد احتواء
النفوذ الايراني المتنامي في المنطقة عن طريق تحجيم حزب الله، حليف ايران
على الساحة اللبنانية.
بينما تريد دمشق وطهران الحد من الهيمنة الامريكية على المنطقة
ويبدو ان سورية تريد الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية على المدى البعيد
بدلا من المكاسب المعنوية التي يمكن ان تحصل عليها من خلال ترتيب عقد قمة
عربية في عاصتها.

الحل المؤجل

لا يتوقع احد ان يكون حل الازمة اللبنانية في المسقبل القريب.
البعض يقول ان علينا انتظار وصول رئيس امريكي جديد الى البيت
الابيض يمكن ان يميل الى التهدئة مع ايران بينما يعتقد اخرون ان حل
المشاكل الاقليمية هي المفتاح لحل الازمة اللبنانية، مثل السلام بين سورية
واسرائيل او توصل الفلسطينيين والاسرائيليين الى اتفاق سلام بنهاية هذا
العام.
لكن المؤشرات الحالية لا تشير الى امكانية تحقيق اي اختراق في هذين الملفين.
وبالتالي على لبنان الانتظار فترة اطول وهذا ما يلقي بأثار سلبية على اقتصاده الذي يعاني اصلا جراء الازمة السياسية الراهنة.
ورغم ان اندلاع العنف في لبنان ليس بالامر المستبعد، وكما كان الوضع دائما على الناس العاديين دفع ثمن هذه الازمة .